الهولوكوست (من اليونانية ὁλόκαυστος holókaustos: حيث hólos تعني "الكل" وkaustós تعني "محروق")، تعرف أيضاً باسم شواه (عبرية: השואה تلفظ هاشواه وتعني "الكارثة")، هي إبادة جماعية قٌتل فيها ما يقرب من ستة ملايين يهودي على يد النظام النازي لأدولف هتلر والمتعاونين معه. يستخدم بعض المؤرخين تعريف الهولوكوست الذي يضم الخمس ملايين الإضافيين من غير اليهود في ضحايا القتل الجماعي النازي، ليجعل المجموع إلى ما يقرب الأحد عشر مليون. جرت عمليات القتل في جميع أنحاء ألمانيا النازية والمناطق المحتلة من قبل ألمانيا في أوروبا.
من 1941 حتى 1945، اٌستهدف اليهود وجرى قتلهم بطريقة منهجية في إبادة جماعية، واحدة من الأكبر في التاريخ، وجزء من مجموع أوسع نطاقاً لأعمال الأضطهاد والقتل لجماعات عرقية وسياسية مختلفة تمت على يد النازيين.
يهود هنغاريون اختارهم النازيين ليتم إرسالهم لغرفة الغاز في معسكر أوشفيتز بيركينو، مايو/يونيو 1944. |
في عام 1904 قام الطبيب الألماني ألفريد بلويتز بنشر أفكاره عن ما أسماه تحسين النسل البشري عن طريق تغييرات اجتماعية بهدف خلق مجتمع أكثر ذكاء وإنتاجية لأجل الحد من ما أسماه "المعاناة الأنسانية". بعد هذه الكتابات نشر كتاب باسم الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لايستحقون الحياة Die Freigabe der Vernichtung Lebensunwertem Lebens في عام 1920 للكاتب والقانوني كارل بايندنك الذي كتب الكتاب بالاشتراك مع الطبيب النفسي ألفريد هوج وكان الكتاب عن فكرة القيام بتعجيل القتل الرحيم للمصابين بالأمراض المستعصية علاجها، ولم يتم على الإطلاق في هذا الكتاب ذكر إبادة أي عرق أو مجموعة بسبب انتماءهم إلى دين معين.
في 1933؛ بلغ تعداد اليهود في أوروبا أكثر من تسعة ملايين. وكان يعيش معظم اليهود الأوروبيون في الدول التي كانت الدولة النازية ستحتلها خلال الحرب العالمية الثانية. قبل عام 1945، قتل الألمان والمتعاونون معهم حوالي اثنين من كل ثلاثة يهودي أوروبي كجزء من 'الحل النهائي' وهو السياسة النازية لقتل 'يهود أوروبا'.ورغم أن اليهود كانوا هم المقصودين من العنصرية النازية؛ إلا أن أعداد الضحايا بلغت 200000 من الغجر. كما قتل 200000 معاق ذهنيًا أو جسديًا في برنامج "القتل الرحيم".
يعتقد البعض أن المنشورات المذكورة أعلاه استخدمت فيما بعد من قبل النازيين إلى استكمال خطتهم الشاملة لإبادة اليهود والمعروفة بالحل النهائي أو حل أخير Endlösung der Judenfrage. في 1 أبريل 1933أي بعد فترة قصيرة من صعود النازيين للحكم في ألمانيا قام الحزب بالقيام بإعلان مقاطعة كاملة ليوم واحد للأعمال والمنتجات التجارية التي يملكها اليهود في ألمانيا، وادّعى الناطقون باسم النازيين أن المقاطعة كانت عبارة عن ثأر من اليهود الألمان ومن الأجانب، بما في ذلك صحفيو الولايات المتحدة والصحفيون الإنجليز، الذين كانوا ينتقدون النظام النازي. وفي اليوم الذي تمت فيه المقاطعة، وقفت قوات العاصفة مهددين أمام المحلات التي يملكها اليهود. ورُسمت "نجمة داود" سداسية الأضلاع باللون الأصفر والأسود على آلاف الأبواب والنوافذ. وتم لصق لافتات مكتوب عليها "لا تشتروا من اليهود" و"اليهود هم البلاء الذي ابتلينا به"، وفي بعض المدن، كانت القوات الخاصة تجوب الشوارع ينشدون الشعارات المعادية لليهود ويغنون أغنيات الحزب. وفي مدن أخرى، كانت المقاطعة مصحوبة بالعنف؛ ففي مدينة كييل، قُتل محامٍ يهودي. وانتهت المقاطعة الرسمية عند منتصف الليل.وتلى هذا الإجراء قرارات من قبل سلطات الرايخ الثالث في 7 أبريل 1933 بطرد اليهود من الدوائر والمؤسسات الحكومية، في اجتماع الحزب النازي السنوي المقام في نورمبرج عام 1935تم أصدار عدة قوانين عنصرية سميت فيما بعد بقوانين نورمبرج للسلالات صدر قرار يمنع اليهودي من الزواج من غير اليهودية وبالعكس وتم سحب الجنسية الألمانية من اليهود وسحب منهم أيضا حق التصويت في الانتخابات، وفي 15 نوفمبر 1938 تم إصدار قانون يمنع التلاميذ اليهود من دخول المدارس الألمانية العامة.
مصطلح الحل النهائي أو حل أخير تم استعماله لأول مرة من قبل أدولف أيخمان والذي أشرف على عمليات الهولوكوست وتمت محاكمته وإعدامه من قبل محكمة إسرائيلية في 1 يونيو 1962 في سجن الرملة. تمت مناقشة خطة الحل النهائي في مؤتمر داخلي للحزب النازي عقد في منطقة وانسي جنوب غرب برلين في 20 يناير 1942 والذي نوقشت فيه آلية إبادة يهود أوروبا، وحضر ذلك الاجتماع هينريك هيملر أيضا والذي كان من أقوى رجال أدولف هتلر وأكثرهم شراسة. ونص مختصر محضر الاجتماع أن الأسلوب السابق في تشجيع اليهودعلى الهجرة من ألمانيا قد تم تغييره إلى الاستبعاد القسري.
عملية الهولوكوست وبنود الحل الأخير بررتها الفلسفة النازية بكونها طريقة للتخلص ممن اعتبرتهم "تحت البشر" وأن الأمة الألمانية لكونها عرق نقي لها الحق في حكم العالم، وأن العرق الآري يفوق في جودته الأعراق الأوروبية الخليطة مثل الغجر والبولنديون واليهودوالسلافييون والألطيون والأفريقيون، وأن بعض فصائل المجتمع حتى إذا كانوا من العرق الآري مثل المثليين جنسيا والمجرمين والمعاقين جسميا أو عقليا والشيوعيون والليبراليون والمعارضون لفلسفة النازية وشهود يهوه كانوا حسب الفكرة النازية من طبقة "تحت البشر".
تمت بالإضافة إلى اليهود إبادة 100000 شيوعي و15000 - 25000 ممن اعتبروا مثليين جنسيا و1200 - 2000 من شهود يهوه، وتمت إجراءات جراحية أو طبية لمنع 400000 معاق عقليا، ومريض نفسي من الإنجاب واستعملت أساليب القتل الرحيم والتي سميت Tiergartenstraße 4 أو T4 لإنهاء حياة 200000 - 300000 من المصابين بعاهات لاأمل للشفاء منها، ومعاقين، ومرضي نفسيين
يعتقد معظم المؤرخين أن البداية الفعلية للهولوكوست كانت ليلة 9 نوفمبر 1938 حيث اجتاحت مظاهرات غاضبة ضد اليهود العديد من المدن في ألمانيا وتم كسر وتخريب المحلات التجارية لليهود وقتل في تلك الليلة 100 يهودي واعتقل 30000 وتم إتلاف 7000 محل تجاري و1574 معبد يهودي وسميت تلك الليلة بليلة الزجاج المهشم
خطة مدغشقر
كانت خطة مدغشقر اقتراح الحكومة النازية في ألمانيا لنقل السكان اليهود من أوروبا إلى جزيرة مدغشقر، اقترح فرانز راديماخر رئيس قسم اليهود في وزارة العلاقات الخارجية في الحكومة النازية الفكرة في يونيو 1940 قبل سقوط فرنسا في معركة فرنسا. ودعا الاقتراح إلى تسليم مدغشقر ثم مستعمرة فرنسية إلى ألمانيا كجزء من شروط الاستسلام الفرنسية. الخطة تم تأجيلها في عام 1940 قبل ان يتم التخلي عنها في عام 1942
الوسائل
أحد الصور التي استعملت في محاكم نورمبرغ كدليل على إجراء تجارب زرع أعضاء جسمية |
يعتقد البعض أن الهولوكوست كانت من أكثر عمليات الإبادة الجماعية تنظيما وتطورا حيث كانت لدى السلطات النازية معلومات مفصلة عن الأسماء التي تم استهدافها لغرض التصفية والأرقام الدقيقة التي تم الاحتفاظ بها من المجاميع التي تم تصفيتها منها على سبيل المثال البرقية المشهورة الذي بعث به هيرمان هوفل إلى هتلر، وهيرمان كان الرجل الثاني في عملية رينهارد التي كانت عبارة عن تصفية اليهود في بولندا، اشتهرت هذه الوثيقة باسم تلغراف هوفل وفيه يذكر هوفل أنه خلال ديسمبر 1942 لقي 24733 يهودي حتفهم في معتقل ماجدانيك و434508 في معتقل سوبيبور و101370 في معتقل تريبلنكا، وجميع هذه المعتقلات كانت في بولندا ويتم الإشراف عليها من قبل هينريك هيملر وبالقيادة الميدانية للضابط أوديلو كلوبوسنك.
يذكر المؤرخ البريطاني المعاصر ريتشارد أوفري في كتابه حرب روسيا أن النازييون استعملوا اليهود كحيوانات اختبار لتطوير الفعاليات والقدرات التي يمكن بواسطتها قتل أكبر عدد ممكن من اليهود، فيورد على سبيل المثال حادثة صف المعتقلين وراء بعظهم البعض وإطلاق طلقة واحدة لقتل أكثر من شخص، ولكن هذه التجربة لم تنجح، ويورد أيضا تجربة إلقاء قنبلة على حشد من المعتقلين التي لم تكن ناجحة أيضا لأن أعداد الجرحى كان أكبر من القتلى، ويورد أيضا تجربة استعمال دخان السيارات في غرف مغلقة.
يرى معظم المؤرخين أن الهولوكوست كانت حملة منظمة على نطاق واسع استهدفت من تم اعتبارهم دون البشر في عموم أوروبا التي كانت تحت الهيمنة النازية، وقد ارسلوا إما إلى معسكرات العمل أو معسكرات الإبادة، وهناك أرقام عليها الكثير من الجدل كما سنرى لاحقا وهي 5 - 7 ملايين يهودي منهم 3 ملايين في بولندا وحدها وهناك أدلة على إجراء اختبارات علمية على المعتقلين وخاصة في معسكر أوشفيتز بيركينو في بولندا حيث قام الدكتور النازي جوزف منجيل بإجراء تجارب مختلفة على المعتقلين منها وضعهم في حاويات مغلقة ذات ضغط عال، وتجارب التجميد حتى الموت، وكان اهتمام جوزيف منصبا على التوائم. من التجارب الأخرى التي قام بها جوزيف هو محاولة تغيير لون العين في الأطفال بحقن مواد في قزحية العين، ومحاولة إيجاد لقاح لمرض البرداء بعد حقن الشخص السليم بجرعة من لعاب الذبابة الناقلة للمرض، وعمليات لنقل أو زرع الأعضاء في الجسم، وتجارب لمنع الحمل والأنجاب وتجارب أخرى.
المعتقلات الجماعية
بدءا من عام 1933 بدأ النازيون بتشكيل العديد من معسكرات الاعتقال التي كانت تحتوي على عدد كبير من البشر في رقعة صغيرة من الأرض فسمّيت بمعسكرات التركيز أو معسكرات التكثيف معسكر اعتقال، وكانت لغرض سجن المعارضيين السياسيين وغير المرغوب فيهم، وفي نهاية عام 1939 كانت هناك 6 من هذه المعتقلات في ألمانيا، وتم أثناء الحرب العالمية الثانية بناء أعداد أخرى في الدول الأوروبية التي خضعت لسيطرة ألمانيا.
معسكرات التكثيف كانت تضم اليهود والشيوعيين والبولنديين وأسرى الحرب والغجر وشهود يهوه وممن اعتبروا مثليين جنسيا، وكان المعتقلون يقومون بصورة قسرية بإنجاز أعمال موزعة عليهم، وتم كذلك إجراء تجارب علمية وطبية على المعتقلين. بعد بداية الحرب العالمية الثانية وبالتحديد عام 1941 تم إنشاء أنواع أخرى من المعسكرات وسميت بمعسكرات الإبادة أو الموت وكانت متخصصة في القضاء على المعتقلين بواسطة الغاز السام أو القتل الجماعي بوسائل أخرى وحرق الجثث بعد ذلك.
بالإضافة إلى هذه المعتقلات أنشأ النازيون ماسميت بالكيتو وهي منطقة سكنية كبيرة وتم إجبار اليهود على العيش فيها، وكانت مداخل ومخارج المنطقة تحت سيطرة النازيين ومن أشهرها گيتو وارسو الذي كان يقطنها 380000 يهودي، وكانت نسبة الساكنين فيها مقارنة بالغرف في ذلك المنطقة هي غرفة واحدة لتسعة أشخاص، وتوفي الآلاف في هذه المناطق نتيجة المجاعة ومرض التيفوئيد، وفي 19 يوليو 1942 أصدر هينريك هيملر أمرا بنقل اليهود من هذه المناطق إلى معسكرات القتل.
جزء من القسم المخصص للنساء في معسكر أوشفيتز |
كان السجناء في هذه المعتقلات يرتدون شارة على شكل مثلث مقلوب بالوان مختلفة لتمييزهم من ناحية العرق وسبب اعتقالهم، وكانت الشارات مصنوعة من القماش ومثبتة على ملابس المعتقلين، ومن الأمثلة على هذه الشارات:
- الشارة السوداء: للمتشردين ومجاميع ماسمي الکولي الذين يرجع أصولهم إلى الهند وباكستان والغجر، والمعوقين والنساء التي تم اعتقالهن لأسباب أخلاقية أو لأسباب الشذوذ الجنسي.
- الشارة الخضراء: للمجرمين.
- الشارة الوردية: لمن وصفوا بالمثليين جنسيا من الذكور.
- الشارة البنفسجية: لجماعة شهود يهوه.
- الشارة الحمراء: للسجناء السياسيين والشيوعيين.
- شارتين من اللون الأصفر: لليهود.
- شارة من اللون الأصفر على شارة من اللون الأسود: للسجناء من العرق الآري الذين كانت لديهم صفة قرابة الدم مع الأعراق أو الجماعات الغير مرغوبة فيها.
وصل مجموع هذه المعسكرات 47 معسكرا 17 منها في ألمانيا و9 في بولندا و4 في النرويج و2 في كل من هولندا، إستونيا، إيطاليا، فرنسا، 1 في كل من تشيكوسلوفاكيا، لاتفيا، النمسا، بيلاروس، أوكرانيا، لثوانيا، بلجيكا، وجزر الشانيل بين فرنسا والمملكة المتحدة. وأكبر معسكرات التركيز أو معسكرات التكثيف معسكر اعتقال على الإطلاق كان معسكر أوشفيتز في بولندا حيث اعتبر المعسكر خليطا بين معسكرات العمل القسري ومعسكرات التصفية الجسدية، استمر هذا المعسكر من أبريل 1940 إلى يناير 1945 وقدر عدد المعتقلين فيها 400،000، وتم تصفية ما يقارب المليون ونصف من غير المرغوب فيهم.
المحرقة
جزء من وثيقة الحل النهائي |
12 أبريل عام 1945:مخيم نوردهوزن حيث يعتقد بإبادة أكثر من 20,000 سجين يهودي |
بدأت فكرة الإبادة الجماعية وأمكانيتها مع إبادة المعوقين في برنامج أكسيون تي 4 حيث أن النازيين بعد أن بدأوا بالأطفال المعوقين والمشوهين قرروا إبادة المعوقين كلهم فبدأوا بالحقن القاتلة والتجويع وتطور الأمر إلي إطلاق النار الجماعي، ثم غرف الغاز للقتل بغاز أول أكسيد الكربون وقد كانت تلك الغرف هي التي أوحت للنازيين بفكرة الإبادة الجماعية لإعداد كبيرة من اليهود فيما بعد.
معسكرات الإبادة أو الموت هي مصطلحات استخدمت لوصف مجموعة خاصة من المعتقلات تختلف عن معسكرات التكثيف أو المعتقلات الجماعية التي تم ذكرها في السابق. المعتقلون في هذا النوع من المعسكرات لم يكن من المتوقع أن يعيشوا لأكثر من 24 ساعة بعد وصولهم المعسكر، ويعتقد أن معظم المساجين في معسكرات التكثيف قد تم نقلهم إلى معسكرات الإبادة بعد عام 1942.
كانت هناك 6 معسكرات من هذا النوع وجميعها في بولندا وهي:
- معسكر أوشفيتز II: حيث كانت يختلف عن معسكر أوشوتز I ومعسكر أوشوتز III اللذان كانا معسكرات تكثيف وأعمال شاقة. كان معسكر أوشفيتز II من أكبر معسكرات الإبادة، وكان يقع في منطقة برزيزنكا على بعد 3 كم من مدينة أوشوتز، وتم بناؤه عام 1941 ضمن خطة الحل النهائي، كان طول المعسكر 2.5 كم وعرضه 2 كم. كان في المعسكر 4 محارق وماسمي مستودعات الغاز، وكان كل مستودع يتسع لحوالي 2،500 شخص، كان السجناء يصلون إلى المعسكر عن طريق القطار وكانت هناك سكك حديد مؤدية إلى داخل المعسكر، وبعد وصولهم كانت هناك عملية فرز وغربلة أولية لفصل البعض منهم لغرض إجراء التجارب عليهم من قبل الطبيب النازي جوزف منجيل، كان هناك قسم للنساء في المعسكر لتقليل مخاوف السجناء، كان النازيون يقولون لهم أنهم ذاهبون إلى الاستحمام، وحسب بعض المصادر التي وكما سنرى لاحقا كانت مثيرة للجدل أن النازيين قد ربطوا أنابيب الاستحمام بمصادر قناني الغاز من نوع زيلكون بي وهي عبارة عن السيانيد المستعمل كمبيد للحشرات والآفات الزراعية، وبعد موت السجناء بهذه الطريقة أو طرق مشابهة كان استعمال الغاز فيه وسيلة رئيسية كانت الجثث تساق إلى المحارق لحرقها في نفس المبنى، وهناك أرقام مثيرة للجدل منها أنه في هذا المعسكر وحده تم إبادة 300000 يهودي من بولندا و69000 يهودي من فرنسا و60000 يهودي من هولندا و550000 يهودي من اليونان و46000 يهودي من مورافيا و25000 يهودي من بلجيكا، ووصل العدد الإجمالي للأشخاص الذين تم إبادتهم في هذا المعسكر إلى مليون ونصف من الضحايا.
أحد المحارق التي كانت تستعمل لحرق الجثث |
- معسكر بلزاك: وتم إبادة 434508 يهودي في هذا المعسكر الذي يعتبر أول وأقدم معسكرات الإبادة، وكان يقع على بعد نصف ميل من بلدة بلزاك الواقعة في منطقة لوبلن لوبلين في بولندا.
- معسكر جيلمنو: كان على بعد 70 كم من لودز وودج ثاني أكبر مدينة في بولندا، وتم إبادة 152،000 سجين في هذا المعسكر.
- معسكر ماجدانيك: وهناك تضارب على العدد الإجمالي للأشخاص الذين تمت إبادتهم حيث قدرت المصادر السوفيتية التي دخلت المعسكر أول مرة أعداد الضحايا بحوالي 400000 ولكن فيما بعد وفي عام 1961 تم تقدير العدد بحوالى 50000، وتشير آخر التقديرات أن الأعداد كانت حوالي 78000.
- معسكر سوبيبور: لقى معظم الغجر حتفهم في هذا المعسكر، وبلغ العدد الإجمالي للضحايا في هذا المعسكر 250000 منهم 150000 يهودي من بولندا و31000 من تشيكوسلوفاكيا.
- معسكر تريبلنكا: استمر هذا المعسكر من يوليو 1942 إلى أكتوبر 1943 وتم إبادة 80000 شخص في هذا المعسكر، مما يجعله بالمرتبة الثانية بعد معسكر أوشوتز.
هناك اعتقاد شائع أن قطاعا واسعا من الجيش الألماني والمدنيين الألمان ووحدات من الشرطة الألمانية والجيستابو وميليشيات القوات الخاصة النازية الـ"اس اس" التي كان يقودها هينريك هيملر ومسؤولون كبار في وزارات الداخلية والعدل والنقل والمواصلات والخارجية بالإضافة إلى بعض الأطباء الألمان الذين شاركوا في التجارب وعمليات القتل الرحيم T-44 قد شاركوا بطريقة أو بأخرى في الهولوكوست، ولايمكن وضع اليد على جهة واحدة مسؤولة عن عمليات الهولوكوست، ولكن الاعتقاد الشائع أن ميليشيات القوات النازية الخاصة الـ"إس إس" كان لها الدور الأكبر في تنظيم الحملات حيث انبعثت من هذه الميليشيات حراس المعتقلات الجماعية ومعتقلات الإبادة، وكان التنظيم يسمى Totenkopfverbände ومصدر الكلمة هي Totenkopf والتي تعني بالألمانية "رأس الموت"، وكان شعارهم عبارة عن جمجمة على عظمين متقاطعين، وانبعثت من ميليشيا الـإس إس أيضا فرق القتل التي سميت إنساتزكروبن ومعناه بالألمانية "مجاميع المهمات"، وقامت هذه المجموعة حسب سجلاتهم بقتل أكثر من مليون شخص من غير المرغوبين فيهم.
مجاميع المهمات التي اشتهرت باسم فرق القتل أثناء أحد المهمات |
بالإضافة إلى الألمان شارك في تنظيم عمليات الهولوكوست دول في مجموعة دول المحور وخاصة إيطاليا وكرواتيا وهنغاريا وبلغاريا الذين ساهموا بإرسال من كان على أراضيهم من اليهود إلى معسكرات التكثيف ومعسكرات الإبادة، وقامت رومانيا وحدها بقتل 380،000 يهودي بصورة مباشرة، وقام بينيتو موسوليني بإرسال 8،3699 يهودي إلى معسكرات الإبادة. يبقى الشخص الرئيسي المسؤول عن إصدار الأمر الرئيسي للبدأ بعمليات الهولوكوست في نظر التاريخ هو هتلر على الرغم من عدم وجود أية وثيقة رسمية تربط اسمه بصورة مباشرة بالعمليات ولكن هناك الكثير من الخطابات التي ألقاها هتلر في مناسبات مختلفة كانت تدعو إلى إبادة اليهود وغير المرغوبين فيهم، ومعظم هذه التسجيلات احتفظ بها جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازية في عهد أدولف هتلر.
بعد الحرب العالمية الثانية تم إجراء العديد من التجارب والأبحاث النفسية لإيجاد أجوبة مقنعة عن كيفية اتباع الإنسان لأوامر قد تعتبر غير أخلاقية أو إنسانية، ومن أشهر هذه التجارب تجربة العالم النفسي الأمريكي ستانلي ملغرامفي يوليو 1961 وفيه قام بتجنيد متطوعين مقبولين من الناحية الثقافية والاجتماعية وقام بتوزيع الأدوار عليهم دون أن يدري المتطوعون الغرض الرئيسي من التجربة. قام ملغرام بوضع أحد الأشخاص في غرفة مغلقة لايمكن لأحد رؤيته وأعطي لهذا الشخص تعليمات أن يقوم بصورة متعمدة بالخطأ في هجاء بعض الكلمات، على الجانب الثاني من الغرفة كان هناك شخص مزود بقائمة من الكلمات التي طلب منه أن يلقيها على الشخص الموجود في الغرفة ليقوم بهجاءها بالصورة الصحيحة وإذا أخطأ الشخص فإن على السائل أن يضغط على زر يؤدي إلى صعق الشخص بجرعة كهربائية مع ازدياد الجرعة كل مرة يرتكب في الشخص خطأ آخر، ولم يكن هناك في الحقيقة أي جرعة كهربائية ولكن السائل لم يعرف هذه الحقيقة والشخص الموجود في الغرفة كان يتصنع الصراخ من الألم كل مرة يضغط فيها على الزر. لم يكن لكل المشتركين أي مانع من تنفيذ هذا الأمر مما أدى إلى الاستنتاج بأن للإنسان نزعة باتباع الأوامر إذا مااعتقد بأنها صادرة من أشخاص مسؤولة حتى إذا كانت هذه الأوامر منافية للمنطق.
انكار الهولوكوست
أول كتاب نشر حول إنكار حدوث الهولوكوست كان تحت اسم "الحكم المطلق" في عام 1962 للمحامي الأمريكي فرانسز باركر يوكي الذي كان من المحامين الذين أوكل إليهم في عام 1946 مهمة إعادة النظر في محاكم نورمبرغ، وأظهر أثناء عمله امتعاضا كبيرا مما وصفه بانعدام النزاهة في جلسات المحاكمات، ونتيجة لانتقاداته المستمرة تم طرده من منصبه بعد عدة أشهر في نوفمبر 1946. في عام 1953 قابل يوكي الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر وعمل لفترة في وزارة الإعلام المصرية وكانت كتاباته معادية لدولة إسرائيل.
بعد كتاب يوكي قام هاري أيلمر بارنيس وهو أحد المؤرخين المشهورين والذي كان أكاديميا مشهورا في جامعة كولومبيا في نيويورك باتباع نهج يوكي في التشكيك بالهولوكوست وتلاه المؤرخين جيمس مارتن وويلس كارتو وكلاهما من الولايات المتحدة، وفي 26 مارس 2003 صدرت مذكرة اعتقال بحق كارتو من السلطات القضائية في سويسرا. وفي الستينيات أيضا وفي فرنسا قام المؤرخ الفرنسي بول راسنييه بنشر كتابه دراما اليهود الأوروبيين، ومما زاد الأمر إثارة هذه المرة أن راسنيير نفسه كان مسجونا في المعتقلات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية ولكنه أنكر عمليات الهولوكوست.
في السبعينيات نشر آرثر بوتز أحد أساتذة الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة جامعة نورث ويسترن الأمريكية في ولاية إلينوي كتابا باسم اكذوبة القرن العشرين وفيه أنكر الهولوكوست وقال أن مزاعم الهولوكوست كان الغرض منها إنشاء دولة إسرائيل ، وفي عام 1976 نشر المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفينغ الذي حكمت عليه محكمة نمساوية في 20 فبراير 2006 بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب إنكاره للهولوكوست في كتابه حرب هتلر . وفي 1974 قام الصحفي الكندي من أصل بريطاني ريتشارد فيرال بنشر كتابه "أحقا مات 6 ملايين" وتم استبعاده من كندا بقرار من المحكمة الكندية العليا عام 1992.
في التسعينيات يظهر كتاب آخر أشد دقة من ناحية المصادر والتحليل المنطقي والتسلسل الزمني في إنكار الهولوكست. إنه الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية للفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي. يتحدث عن مجموعة من الأساطير بُنيت عليها السياسة الإسرائيلية من بينها "اسطورة الهولوكست"، فيعرض الكاتب مجموعة من الحقائق العلمية والتاريخية لا تسمح بقول أنه كانت هناك غرفا للغاز من أجل قتل الناس وأن عدد 6 ملايين مبالغ فيه جدا، ويتحدت الكتاب عن الدور الفعال للوبي اليهودي في الولايات المتحدة في الترويج لما يُسمى الهولوكست.
هناك العديد من الكتب والمنشورات الأخرى على هذا السياق، ويمكن اختصار النقاط الرئيسية الذي يثيره هذا التيار بالنقاط التالية:
- إبادة 6 ملايين يهودي هو رقم مبالغ به كثيرا إذ أنه استنادا على إحصاءات أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية كان العدد الإجمالي لليهود في أوروبا 6 ملايين ونصف المليون وهذا يعني أنه في الهولوكوست تم تقريبا القضاء على اليهود في أوروبا عن بكرة أبيهم وهذا ينافي أرقاما أخرى من دوائر الهجرة الأوروبية التي تشير إلى أنه بين 1933 و1945 هاجر مليون ونصف يهودي إلى بريطانيا، السويد، إسبانيا، أستراليا، الصين، الهند، فلسطين والولايات المتحدة. بحلول عام 1939 واستنادا إلى إحصاءات الحكومة الألمانية فقد هاجر 400000 يهودي من ألمانيا الذي كانت تحتوي على 600000 يهودي، وهاجر أيضا 480000 يهودي من النمسا وتشيكوسلوفاكيا، وهاجر هذا العدد الكبير ضمن خطة لتوطين اليهود في مدغشقر ولكنهم توجهوا إلى دول أخرى ولم يتم مصادرة أملاكهم وإلا لما كان اليهود اليوم من أغنى أغنياء العالم، وهناك أرقام أخرى تشير إلى أن أكثر من 2 مليون يهودي هاجروا إلى الاتحاد السوفيتي. كل هذه الأرقام تعني بالنهاية أنه كان هناك على الأغلب أقل من 2 مليون يهودي يعيشون في دول أوروبا التي كانت تحت الهيمنة النازية، ويصر العديد أن السجناء اليهود في المعتقلات النازية لم يزد عددهم عن 20000. ويورد هؤلاء المؤرخون أن العدد الإجمالي لليهود في العالم في سنة 1938 كانت 16 مليون ونصف المليون، وكان العدد الإجمالي لليهود في العالم بعد 10 سنوات أي في عام 1948 كانت 188 مليون ونصف المليون، وإذا تم القبول جدلا بأن 6 ملايين يهودي قد تمت إبادتهم أثناء الحرب العالمية الثانية فإن العشر ملايين المتبقين يستحيل أن يتكاثروا بهذه النسبة الضخمة التي تنافي قوانين الإحصاء والنمو البشري ليصبح 10 ملايين يهودي 18 مليونا بعد عشر سنوات.
- عدم وجود وثيقة رسمية واحدة تذكر تفاصيل عمليات الهولوكوست، وأن ماتم ذكره في الاجتماع الداخلي في منطقة وانسي جنوب غرب برلين في 20 يناير 1942 وعلى لسان هينريك هيملر كان ما مفاده أن السياسة الحكومية بتشجيع هجرة اليهود إلى مدغشقر ليتخذوه وطنا تعتبر غير عملية في الوقت الحاضر بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية وأن ألمانيا تحتاج إلى الأيدي العاملة لتسيير عجلة الحرب وأنه واستنادا على المؤرخ الفرنسي بول راسنير الذي كان نفسه يعمل في أحد المعسكرات التي وصفها بالمعسكرات الإنتاجية لدعم الحرب حيث ذكر في كتابه دراما اليهود الأوروبيين أن مايسمى وثيقة الحل النهائي هي في الحقيقة خطة لتأجيل عملية استيطان اليهود في مدغشقر كما كان مقررا وأنه تم تأجيله لحد انتهاء الحرب لحاجة ألمانيا للأيدي العاملة والانتظار لحد فتح قنوات دبلوماسية مع الدول الأخرى لحين إيجاد وطن مناسب ليهود أوروبا.
- التضخيم الإعلامي لمعسكرات الاعتقال المكثف ومعسكرات الموت لا أساس له من الصحة وأن هذه المعسكرات كانت وحدات إنتاجية ضخمة لدعم آلية الحرب، وأن أكبر المعتقلات التي أثير حوله جدل كبير ألا وهو معسكر أوشوتز قد تمت السيطرة عليها لأول مرة من قبل القوات السوفيتية التي لم تسمح لأي جهة محايدة من دخولها لمدة 10 سنين حيث يعتقد أن الاتحاد السوفيتي قام بتغير ملامح المعسكر خلال هذه السنوات العشر، وأنه لم يكن يوجد على الإطلاق ماتم تسميته بمستودعات الغاز الذي كان اليهود يوضعون فيه بالآلاف لغرض تسميمهم وإنما كانت هناك غرف صغيرة لغرض تصنيع مبيدات الحشرات والآفات الزراعية، وكان هناك بالفعل عدد من المحارق في تلك المعسكرات ولكنها كانت لغرض حرق جثث الموتى الذين قضوا نحبهم من داء التيفوئيد في السنوات الأخيرة من الحرب نتيجة نقص الخدمات الطبية بسبب انهيار البنى التحتية الألمانية في سنوات الحرب الأخيرة وعليه فإنه من غير المعقول أن تصرف ألمانيا كل هذا الوقود والطاقة التي كانت بأمس الحاجة إليها في الحرب لغرض إحراق ملايين الجثث.
- كثير من الصور التي عرضت على العالم وفي محاكم نورمبرغ هي في الحقيقة صور مأخوذة من الأرشيف الألماني نفسه حيث أن الألمان حاولوا أن يظهروا مدى تفشي المجاعة ومرض التيفوئيد في ألمانيا وخاصة في سنوات الحرب الأخيرة، وأن أهم الصور الذي قدمت في محاكم نورمبرغ على أنها إبادة جماعية لليهود هي في الواقع صور من القصف المثير للجدل الذي قامت به الطائرات الحربية لدول الحلفاء لمدينة دريسدن الألمانية بين 13 فبراير و15 فبراير 1945 الذي يعتبر لحد هذا اليوم من أكثر حوادث الحرب العالمية الثانية إثارة للجدل حيث القي حوالي 9،000 طن من القنابل عل تلك المدينة وتم تدمير 24،866 منزلا من أصل 28،410 منزلا وتم تدمير 72 مدرسة و22 مستشفى و18 كنيسة و5 مسارح و50 مصرفا و61 فندقا و31 مركزا تجاريا، ويعتقد أن 25،000 إلى 35،0000 مدنيا لقوا حتفهم في ذلك القصف.
- هناك نوع من نظرية المؤامرة حول التضخيم الإعلامي لحوادث الهولوكوست شارك بها الاتحاد السوفيتي من طرف حيث بث هذه الإشاعات لبسط هيمنته على أوروبا باعتباره البديل الأفضل لألمانيا ولكي يصرف النظر عن سوء معاملته للسجناء في معتقلات الجولاج السوفيتية السيئة الصيت، وشارك في هذه المؤامرة من الناحية الأخرى الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والذين لم يتقبلوا الفكرة الألمانية باتخاذ مدغشقر وطنا لليهود وإنما فضلوا فكرة إقامة دولة إسرائيل في فلسطين كوطن ليهود العالم.
تعتبر ظاهرة إنكار الهولوكوست جديدة على العالم العربي والإسلامي إذا ما قورن بالتيار الغربي، حيث بدأت مؤخرا دول في الشرق الأوسط مثل سوريا وإيران وفلسطين وخاصة حركة حماس بنشر تلك الأفكار. وفي اغسطس 2002 تم إقامة مؤتمر في مركز زايد فيأبوظبي بإشراف سلطان بن زايد آل نهيان وتم وصفه بأنه ينشر الأفكار التي تنكر الهولوكوست، ويعتبر عبد العزيز الرنتيسي من أحد الأسماء المشهورة الذي ينكر حدوث الهولوكوست. في ديسمبر 2005 صرح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن الهدف من "أسطورة" الهولوكوست كان إنشاء دولة إسرائيل
- (بالإنجليزية)Dean, Martin: Robbing the Jews - The Cofiscation of Jewish Property in the Holocaust, 1935 - 1945, Cambridge University Press, 2008.
ملحوظه....
أي حد يقدر يساعد المرضى بالادويه يتواصل على تويتر معا صيدلية تويتر أو على الفيسبوك معا صيدلية فيسبوك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق